يقول الدكتور وعالم النفس إدوارد دي بونو Edwade Bono ، أن الدراسات أظهرت 90%
الأخطاء في التفكير ناتجة عن أخطاء في التصور و الاعتقاد، وإذا استطعت تغيير تصورك، يمكنك تغيير
مشاعرك وبالتالي يمكن أن يؤدي إلى طرح أفكار جديدة، والمقصود بالتصور هو العملية التي تمكن الفرد
من استقبال وتفسير أي شيء يأتي أمامه، وينطوي الإدراك على استخدام الحواس الخمس من البصر
والسمع والذوق واللمس والشم لاستقبال المواقف والبيانات وتفسيرها لفهم ما يحدث، كما يلعب التصور
دورًا حاسمًا في كيفية النظر للأمور والأحداث والأشخاص، ويؤثر في الأفكار والعواطف والسلوك،
ويتمحور التصور حول الفرد المدرك نفسه والبيئة المحيطة، كما إنه يتأثر إدراك الفرد بعدة أمور منها
تجاربه السابقة، أستذكر موقف تعرضت له شخصيا عندما كنت مع صديق نتجول فرأينا كلب;
مع أحدهم في الممشى، أي نعم كان شكله لطيف ولكنني شعرت بالخوف وذهبت بعيدا لأن لي ذكريات
وتجارب سيئة مع الحيوانات بينما ذهب زميلي ليداعب الكلب، كلانا تعرضنا لذات الموقف ولكن السلوك
اختلف نتيجة لاختلاف التصور والادراك بسبب التجارب السابقة.
كذلك حو الأمر لثقافة الفرد، في اختلاف الثقافة يختلف التصور وبالتالي يختلف السلوك، مثلا في بعض
الدول الأوربية يتم إضافة الكحول للطعام وهذا أمر طبيعي لديهم، ولكنه محرم لدينا لذلك فان سلوك
شخصين في ذات المطعم وذات الطلب اختلف نتيجة لاختلاف الثقافة، والجدير بالذكر هنا ان قيم الفرد
مرتبطة كذلك بالثقافة كاحترام كبار السن واعتبارهم ركيزة أساسية في المنزل بينما يعتبر بعض الشعوب ان
مكانهم الطبيعي هو دار العجزة، مرة أخرى اختلاف القيم رغم تشابه الموقف.
والتوجه يلعب دور كبير وهام في تحديد التصور الإدراك، ففي بيئة العمل لو كان الفرد يحب مسؤوله
لوجدته يتقبل جميع أنواع الأعمال ليرضيه، وهكذا هو الأمر بالنسبة للخبرة، التربية، المحفزات الذاتية وما
يتوقع أو ينتظر، أي أن التصور قابل للتأثر فعندما يكون التوجه إيجابي نحو شيء ما فإن الفرد يرى
الجوانب الإيجابية فقط والعكس تماما إذا كان التوجه سلبي فإن الفرد يركز على الجوانب السلبية.
هذا وبالإضافة إلى تأثير البيئة المحيطة على تصور الفرد، فعلى سبيل المثال إذا كان مقر العمل يفتقر
لدرجة الحرارة المناسبة أو الإضاءة المطلوبة سيعتبر الفرد ان بيئة العمل سيئة، حتى لو كانت عكس ذلك.
عملية التصور ليست مجرد تفسير موقف، بل يتضمن القدرة على ربط المعلومات والأحداث بناء على
الأنماط والمفاهيم الموجودة في ذاكرة الفرد الأمر الذي يؤدي إلى التعرف على الأشياء والأحداث وفهمها
بشكل أفضل.
علما بأن تصور الفرد يلعب دورًا حاسمًا في تحديد سلوك المؤسسة التي ينتمي لها، إن كل فرد في المؤسسة
لديه تصور فردي للمؤسسة نفسها، وهذا التصور يؤثر على كيفية تفاعله معها وتحديد سلوكه الداخلي
والخارجي، كما أن هناك عدة طرق يمكن أن يؤثر بها تصور الفرد على سلوك المؤسسة منها الالتزام
والمشاركة، إذا كان الفرد إيجابيًا، سيحترم القواعد ويلتزم بها، كذلك سيكون أكثر انخراطًا والتزامًا بأهداف
المؤسسة وقيمها، كذلك هو الحال حول الابتكار والابداع، ستنعكس إيجابية الفرد نحو الابتكار والبحث عن
حلول جديدة وابداعية لتحسين العمل وتحقيق التطور والنجاح، كما ان هذا الفرد ذو التصور الإيجابي أكثر
الأفراد مساهمة في الأعمال الجماعية ويعمل ضمن الفريق الواحد وذات سلوك تفاعلي مع زملاءه
والمرؤوسين.
لذلك، على القياديين ملاحظة أن تصور الفرد لأنه يلعب دورًا حيويًا في تحديد تصرفاته وسلوكه داخل
المؤسسة، والعمل على تحسين تصور الموظفين عن بيئة العمل من خلال الاتصال المباشر، وبناء ثقافة
تنمي المشاركة والابتكار والعمل الجماعي، تشجيع القيم المشتركة والمساواة والاحترام المتبادل، وتعزز
التواصل المفتوح والشفاف بين الأفراد، كذلك الانفتاح وتقبل الاختلاف والتنوع بين أفراد المؤسسة، والسعي
نحو تقبل وجهات نظر الآخرين والاستماع إلى آرائهم لتعزيز تصورات إيجابية وتحقيق أهداف المؤسسة
بنجاح.
ختاما، التصور هو مفتاح لفهم الواقع والتفاعل معه، وفهم عملية التصوّر وكيفية تأثيرها على حياة الفرد
يساعد على التفاعل بشكل أكثر إدراكا مع الاخرين.
Коментарі