وافق مجلس الخدمة المدنية علي مقترح تطبيق الدوام المرن، بهدف منح الموظف المرونة في الدخول والخروج عند اكمال ساعات العمل المطلوبة، بواقع سبع ساعات عمل فعلية.
لهذا القرار فوائد عدة لا يختلف عليها اثنان، أولها تخفيف الاختناقات المرورية، ثانيا السماح للموظفين بقضاء حاجاتهم.
أمر جيد ما فعلته الجهات المعنية بإقرار ذلك، ويصب في مصلحة الموظف أولا وأخيرا.
ولو اجتهدت هذه الجهات قليلا لوجدت في أنواع الدوام المرن الأخرى كالجدول المضغوط، العمل عن بعد، ساعات مخصصة، إجازة مرنة، المشاركة في الوظيفة، والمشاركة في العمل، فائدة أكبر مما تحققه ساعات العمل المرنة لكل من الموظف والمؤسسة.
سمح القرار للموظفين باختيار الوقت الملائم لهم، وبطبيعة الحال، أغلب، إن لم يكن جميع الموظفين سيختارون بداية ساعات العمل المبكرة، حتى يتمكنوا من المغادرة مبكرا.
لهذا؛ ونظرا لاحتمالية عدم القدرة على التنسيق بين الموظفين، أجاز ديوان الخدمة المدنية لجهة العمل إلزام العاملين بميعاد واحد محدد وفق مقتضيات مصلحة العمل، بشرط ألا يخرج عن مواعيد الحضور والانصراف، الأمر الذي أعطى المسؤولين مساحة لاتخاذ القرار المناسب.
هنا، تقع على المسؤول آلية تنظيم العمل، وتوزيع الموظفين على مجموعات، بحيث تبدأ المجموعة الأولى مع أول فئة من الفئات المحددة من ديوان الخدمة المدنية، وتنتهي آخر المجموعة مع موعد آخر فئة، حتى يستطيع تغطية ساعات العمل الفعلية.
لكن المعضلة هنا ان في حال عدم رضى الموظفين على الإجراءات التنظيمية التي قد يتخذها المسؤول، فيتم اتهامه بالتحيز لموظف دون الآخر، وسيجد نفسه معلقا على مقصلة برامج التواصل الاجتماعي، متهما بعدم احترام قرارات الجهات المختصة، وسيصبح “ترند” لأنه أراد تنظيم العملية إداريا.
والمضحك المبكي من سيقود باص هذا الموضوع هو نفسه من سيصور مكاتب الموظفين وهي خاوية على عروشها، في أوائل أو آخر ساعات العمل الرسمية، مذيلا مقطع الفيديو بالعبارة الشهيرة “موظفين الحكومة ما يداومون”، متناسيا تأييده بعدم تدخل المسؤول في العملية التنظيمية.
هذا وبالإضافة إلى إن المسؤولين مطالبين بالتواجد طوال ساعات العمل المرنة، ومطالبين بتنفيذ الأعمال حتى بعد ساعات العمل الرسمية، والذي يجد نفسه وحيدا مجبرا علي تأدية جميع المهمات لإنجاز العمل، أو تأجيله لليوم التالي، وكلا الأمرين مرفوضين، لذلك لابد من التنظيم والتنسيق بين موظفين القسم الواحد فالإدارة الواحدة فالقطاع الواحد.
شخصيا، أؤمن إيمان تاما أن أداء الموظف لا يرتبط بساعات عمل فعليه، بل بمدى فعاليته وانجازه المهمات، فهي بالكيفية وليست بالكمية، ولنا بتجربة جائحة “كورونا”، موعظة وعبرة حيث تم التعليم عن بعد، وتمت الاجتماعات عن بعد، وتم عقد مؤتمرات دولية عن بعد، فالموضوع لا يتمحور حول التواجد بمقر العمل، بل بإنجاز الأعمال.
خطوة موفقة من الجهات الرقابية، ونطمح الى المزيد من هذه المبادرات التي من شأنها مواكبة مجريات العمل وظروفه، فهي نظرية الربح للطرفين، دوام ذات ساعات مرنة للموظف من جهة، وصلاحية المسؤول في تنظيم وتحديد الفترات من جهة أخرى.
Comments