في عمر الثلاثين، تولى أحد الملوك الخلافة لمدة تقرب من 30 عاما، وشهدت الخلافة خلال فترة حكمه رخاء اقتصاديا في أعلى مستوياته، وتقدما في التجارة والصناعة والزراعة، ازدهر العلم والثقافة والعلوم الدينية، وتحسنت الحالة الاجتماعية للأفراد، لذلك، أطلق على تلك الفترة الزمنية التي حكم بها بالعصر الذهبي، على عكس من تولى الخلافة قبله وبعده، لم يكن هذا الخليفة مهتما بالجواري، بل كان تركيزه على رفع شأن الأمة.
وكعادته اليومية وخلال اجتماعه بوزرائه ومستشاريه، جاء للخليفة أحد الوزراء مخبرا إياه بجاريه ذات صوت فاتن ونقي، مثقفة في المجال الموسيقى والغناء، صقلت موهبتها على يد أبرز المغنيين، تمكنت من الكتابة حتى أصبحت شاعره تتحدى أعظم الشعراء، وإن مجلس الخليفة يحتاج لهذه الجارية ليضفي جوا جميلا على المجلس، لم يهتم الخليفة للأمر ومنح الوزير الموافقة لثقته فيه دون الخوض في تفاصيل الموضوع، قام الوزير بشراء الجارية التي أطربت الخليفة ووزراءه ومستشاريه، وهذا، جاريه يتبعها جاريه إلى أشغلت الجواري الخليفة عن تطلعاته وتدمر مع الوقت ما بناه.
وكذلك، يحكى أن أحد أفراد فريق أحد القياديين قد أعجب في أداء عامل القهوة الموجود في إحدى الإدارات الأخرى، وقام بطلبه ليخدم في مكتب القيادي، ولكنه رفض لارتياحه في مكان عمله وعلاقته مع المحيطين به، وإلا بهذا الشخص "الفارغ" يطلب من القيادي التدخل بالأمر كون أن وجود هذا العامل يضفي على المكان قيمة وجودة لما له من خبره في "صب القهوة"، وقام هذا القيادي باستدعاء العامل المسكين موجها تعليمات مباشرة له للعمل في مكتبة.
تتكرر حكاية الجارية والخليفة في وقتنا الحالي مع القياديين والوزراء عند اختيار فريقهم، لم تكن بطانة الخليفة صالحه، ففكرة الجارية لم تكن صائبة مع الخليفة ولو كانت شائعة ذلك الوقت، وكذلك، العديد من المقترحات والآراء التي تقدم للقياديين والوزراء على وزن اقتراح الجارية، من شأنها إلهاء القيادي عن الأمور الأهم.
فالبلد يعج بالمشاكل من جهة والعقبات التي تواجه التطور من جهة أخرى، فكان الأجدر من فريق القيادي خلق بيئة عمل مناسبة تمكنه من تطبيق استراتيجية المؤسسة تحقيقا لأهدافها مما يؤدي إلى نهضة البلد، ألا إذا كان قهوة هذا العامل هي من ستأتي بالإلهام لهذا القيادي فلا بأس بذلك والله المستعان!
جريدة السياسة الكويتية - الاثنين - 15 ابريل 2024
Comments