top of page
Search
Writer's pictureAfrah Alsaeedi

قيادي مع وقف التنفيذ

يقول الدكتور غازي القصيبي، رحمه الله، في كتابة “الوزير المرافق” عن الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر “لا يبالغ المرء إذا قال إن كارتر كان يقضي وقتاً طويلاً يندر أن يستطيع رئيس دولة أخرى يقاربه، لو أن مقياس النجاح كان العمل الشاق وحده لكان كارتر أنجح رئيس في الولايات المتحدة، إلا أن للنجاح متطلبات ليس العمل الشاق، إلا واحداً منها، بل إن النجاح قد يرتبط بالضرورة بالعمل الشاق، فالقائد يحتاج إلى الشجاعة وإلى الرؤية الواضحة وإلى التوقيت الجيد، ثم إن هناك قبل هذا كله وبعده عامل الحظ، وهذه كلها أمور لا يستطيع القائد أن يستعيض عنها بالعمل الشاق”.


تناول القصيبي العناصر الأساسية التي يحتاجها القائد لقيادة المؤسسة بنجاح، ولم يتطرق لضرورة تثبيت وتمكين هذا القيادي لأنها من المسلمات! لم يشهد القصيبي ما تشهده البلاد عموما، والقطاع الحكومي خصوصا، في الفترة الأخيرة من وجود فراغ إداري رهيب نتيجة عدم تثبيت القياديين في المناصب القيادية والإشرافية.


إن هؤلاء القياديين والاشرافيين “مع وقف التنفيذ” مطالبون بإنجاز المهمات، ومحاسبون على أي تقصير، وملامون على أي خطأ، وغير مشكورين على أي انجاز لأنه يُعتبر من واجباتهم الحتمية، إن هؤلاء “الضحايا” ربما يفوقون كارتر بالعمل الشاق، والشجاعة، والرؤية الواضحة، لكنهم وبكل تأكيد يفتقرون إلى الحظ.


إن الجريمة مرتكبة بحق أطراف عدة، القيادي هو الضحية الأولى لأنه يتحمل جميع الأعباء من دون ضمان تثبيته في المنصب، فتجد البعض منهم يتردد بتنفيذ الخطط التي رسمها لأن مصيره مجهول، وآخرين يترددون باتخاذ قرارات صارمة اتجاه أحدهم لأن “وراه ظهر”، وكم قياديا أُحيل للتقاعد، وهو بـ”التكليف”.


أما الضحية الثانية فهي المؤسسة، التي لن تستطيع تحقيق أهدافها بسبب القيادي مسلوب الصلاحيات، والخاسر الأكبر هو الدولة بسبب الفراغ الإداري الذي سبب فجوة كبيرة في تحقيق ستراتيجيات المؤسسات، والتي تنعكس بدورها على رؤية وستراتيجية الدولة، ناهيك عن الضحية “المغلوب على أمرها” وهو الموظف، الذي يُحبط ويستسلم، وهو في بداية الطريق لما يشهده من ضحايا تتساقط الواحدة تلو الأخرى.


إن الفراغ الإداري له تبعات سلبية، وقد آن الأوان – وإن تأخر- لاتخاذ القرار بالمكّلفين، رِفقا بهم وبالمؤسسات، وخطة التنمية والدولة.


وختاما، لا يسعني إلا أن أدعو لجميع المُكلفين التحلي بالصبر استنادا على قول رسولنا الكريم “صبرًا آل ياسر فإن موعدكم الجنة”.


جريدة السياسة - ١١ ديسمبر ٢٠٢٣

1 view0 comments

Recent Posts

See All

موظفو الحكومة والقطاع النفطي

من يقرأ العنوان يتبادر إلى ذهنه أنني أود الحديث عن الراتب أو مقارنة المميزات بكلا القطاعين، ولكن في الحقيقة أود الحديث عن موقف حدث لي...

فاسد ويتكلم

لوحظ في السنوات الأخيرة ان معظم المسؤولين السابقين من وزراء وقياديين قد أخذوا من اللقاءات بأنواعها المختلفة وسيلة لبث سمومهم للجمهور...

الوزير والجارية

في عمر الثلاثين، تولى أحد الملوك الخلافة لمدة تقرب من 30 عاما، وشهدت الخلافة خلال فترة حكمه رخاء اقتصاديا في أعلى مستوياته، وتقدما في...

Comments


bottom of page